404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة
  • العودة الى الصفحة الرئيسية
  • السبت، 18 أغسطس 2018

    إسلام القلوب - المجموعة العاشرة J : العقول الغامضة

    إسلام القلوب - المجموعة العاشرة J : العقول الغامضة

    إسلام القلوب - المجموعة العاشرة J : العقول الغامضة

    المجموعة العاشرة J : العقول الغامضة


    إسلام القلوب

    نشأ مروان في عائلة نصرانية قبل أن يهديه الله للإسلام وهاهو ذا يجاهد ليل نهار محاولا قدر المستطاع أن يتبع حذافير دينه الجديد فقد غير إسمه من مايكل إلى مروان وأصبح يحضر حلق القرآن بالمركز الإسلامي ودروس الدين التي كان ينظمها المركز كل نهاية أسبوع، الأمر الوحيد الذي كان حائلا بينه وبين توبته النصوح هو أنه كان يواعد جين التي تربت معه منذ الصغر فقد كان يحبها حباً جما فهي صديقة طفولته وحبيته التي ساندته في كل محنه ووقفت معه في السراء والضراء.. كان مروان يعلم جيداً أن الدين الإسلامي يمنع منعاً باتا مثل هذه العلاقات المحرمة لكن نفسه دائماً تتغلب عليه خاصة عندما يتعلق الأمر بجين فقد كان دائما ما يمر على منزلها فهما يدرسان في نفس الجامعة ويخرجان معا كل ما سنحت الفرصة للتنزه تارة ولتسوق تارة أخرى ،، لم تكن جين تعلم بعد بإسلام حبيبها مروان فقد أخفى الأمر جيداً خوفا أن تنفصل عنه.
    مرت أيام ثم شهور على تلك الحالة، وفي كل يوم يزداد فيه مروان علما بتعاليم دينه يبتعد شيئا فشيئا عن علاقته بجين التي بدورها لاحظت ذلك أيضا، الأمر الذي دفعها للتحقيق في أمره خاصة أنه أصبح دائماً مشغولاً في نهاية كل أسبوع وكلما استفسرت عن السبب كان مروان يجيبها باجوبة واهية لم تكن تشفي غليلها فهو الذي كان دائمًا ما يحرص على وضع خطط نهاية الأسبوع ويلح عليها،الأمر الذي لم تتقبله جين بالمرة،لكنها لم تجد الفرصة الملائمة لتصارحه بالأمر. بالنسبة لمروان كان الأمر أشد تنكيلا فهو بين المطرقة والسندان ، من جهة حبه الشديد لجين و من جهة أخرى يعلم يقينا أن هذا حرام فقد سمع خطيب الجمعة ينهى مرارا وتكرارا على مثل هذه العلاقات المحرمة خاصة أنه أصبح مسلماً وجين لاتزال على نصرانيتها.
    أنهى مروان صلاة العصر مع الجماعة بالمركز الإسلامي، ثم انزوى في زاوية المصلى مرددا أذكار المساء التي حفظها مؤخراً من شيخه عبد الرحمن وأصبح يواضب عليها، بقي على تلك الحالة لفترة، مهموما في أفكاره غارقاً في حساباته، فقد وعد جين ان يوصلها لزيارة أقاربها في البلدة المجاورة لكنه في الوقت نفسه لم يرد أن يفوت درس الدين الذي يقيمه عبد الرحمن كل نهاية أسبوع، كان موضوع الدرس حول عفة المسلم فقد استفتح الشيخ الدرس بتلاوة عطرة للآية القرآنية {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله } واسترسل بعدها في شرح الفوائد والعبر من هذه الآية.. كان مروان متسمرا في مكانه لايحرك ساكنا فقد أحس في قرارة نفسه أنه المخاطب الوحيد في ذلك الوقت خاصة عندما قال الشيخ :الانسان العفيف هو من غلب حياءه شهوته فلم يرض ان يخرج شهوته و يمتع جسده الا بالحلال،الشخص العفيف هو الذي إستطاع أن يتغلب على شهوته إحتراما لله وحياء منه وأن الله لا يحب الحب الحرام و يبارك في الحب الحلال ويأخذ عليه اجرا،وأن كل عبد قلبه معلق بالشهوة قلبه محجوب عن الله. دون أن يدري مروان كانت الدموع تملأ عينيه وتتدحرج على خديه فقد حركت كلمات الشيخ قلبه وازالت عنه كل الشبهات فقد علم يقيناً أنه لامفر من الله إلا إليه، وأنه ما من مسلم يترك شيئا لله إلا عوضه خيراً منه. الأمر الذي لم ينتبه له مروان طيلة الدرس هو المكالمات الهاتفية التي لم تتوقف أبداً فقد كانت جين تنتظره في محطة المترو ليوصلها لكن لاحياة لمن تنادي فقد وضع مروان هاتفه النقال على الوضع الصامت عند دخوله لأداء صلاة العصر ونسيه كذلك ، الأمر الذي افاض الكأس بالنسبة لجين فهي لم تعد تستطيع أن تتحمل تجاهل مروان لها أكثر من ذلك.رجع مروان إلى بيته وهو كله عزم أن يصارح جين بكل ما لديه بدءا بإسلامه وأخيراً موقفه من علاقته بها، كان يعلم جيداً أن هذا الأمر سيؤدي إلى انفصال جين عنه لكنه علم يقيناً أن الله لن يخذله وسيعوضه على ذلك، فقد استيقن أنه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
    كان الليل قد تنصف حينما أخذ مروان ورقة وقلما وراح يكتب رسالة لجين كايام الخوالي، لكنه هذه المرة يكتب رسالة مودع لا رسالة حب فقد كان هو وجين يراسلان بعضهما البعض عن طريق الرسائل النصية منذ أن كانا صغيرين.
    في الصباح الباكر وكعادتها كانت جين تتفقد صندوق الرسائل فغالباً ما تكون هنالك رسالة أو اثنين من مروان خاصة أنه أخلف وعده بالأمس وتركها تذهب لوحدها لزيارة أقاربها فهي تتوقع أن يبعث لها برسالة إعتذار على الأقل،أغلقت جين باب غرفتها وألقت بمجموعة الرسائل على سريرها وراحت تقلبها واحدة تلو الأخرى تبحث عن رسالة من حبيبها مروان، وما أن وقعت عينيها عليها حتى راحت تقرأها بتمعن،فعلى غير العادة كانت رسالة مروان هذه المرة مختلفة عن سابقاتها فهي خالية من رسومات الأزهار والقلوب الحمراء التي كان عادة ما يزين بها هوامش رسائله،ولا من عبارات الحب والرومانسية التي كان دائما ما تكون في البداية.
    <<جين، يبدو أن هذه الرسالة ستكون الأخيرة إليك، فقد طرأت الكثير من الأمور في حياتي مؤخراً ولعلك لاحظت ذلك أيضا، أمور كثيرة جذرية حصلت لعل أهمها هو أن هداني الله للإسلام فقد أعلنت إسلامي قبل حوالي تسع أشهر في المركز الإسلامي الذي في حينا، أعلم جيداً أنك ربما لاتوافقيني الرأي لكني بحمد الله وفضله أرى أني اتخذت القرار الصحيح في ذلك، حاولت مرارا وتكرارا أن أخبرك بالأمر لكني صراحة خفت أن تنفصلي عني، جين، ارجو أن تتفهمي جيدا ماصرت عليه الآن فديني الجديد يمنعني من إقامة علاقة غير شرعية مع امرأة أجنبية فهذا لايليق بالمسلم وأخلاقه ، لكن بنظر لعلاقتنا السابقة رأيت أنه من واجبي على الأقل أن أرسل لك هذه الرسالة كتفسيرا لسبب تغيري ودعوة لك للإسلام،أرجوا من الله تعالى أن يهديك له ويجمعنا على رايته، في الختام ارجوا منك الإستماع إلى الشريط المرفق التي بعثته لك فبفضل الله ثم بفضله هداني الله للإسلام. انهالت جين بالبكاء فقد كانت شكوكها في محلها لكنها لم تتوقع أبداً أن يصل الأمر إلى هذا الحد، مروان الذي لم يبتعد عنها للحظة مهما بلغت المشاكل بينهما هاهو ذا ينفصل عنها، ما الذي أثر فيه لهذه الدرجة!
    مسحت جين الدموع عن عينيها وأخذت الهاتف النقال اتصلت مراراً وتكرارا بمروان لكنه لايجيب. استلقت على فراشها وهي تحاول أن تستوعب الأمر الذي أدى إلى تغير حبيبها كل هذا التغير ، راجعت جيدا تصرفاتها في المدة الأخيرة لعلها تصرفت تصرفا خاطئا جعله يبتعد عنها دون أن تشعر لكن لا شيئ من ذلك،
    مدت يدها إلى مكتبها المتواضع أين وضعت الشريط الذي وجدته مرفقا مع الرسالة، نظرت إلى الشريط متأملة الكتابة المبهمة على واجهته لكنها لم تكترث لذلك كثيرا ووضعته مباشرة في مشغل الموسيقى الذي أهداه إياها مروان في عيد ميلادها السابق.
    سرعان ما اعتدلت جين وجلست في فراشها متسمرة وهي تستمع إلى التلاوات الخاشعة التي تتال في قراءتها مجموعة من القراء كمشاري العفاسي و علي محمد جابر وغيرهم ، احست بهدوء و سكينة تامة وهي تنصت باهتمام إلى ذلك برغم من أنها لاتفهم شيئاً من ذلك لكنها شعرت أن الحزن الذي كان يعتريها قبل لحظات بدأ يزول رويدا رويدا، كانت المرة الأولى التي تستمع فيها لشيء مثل هذا،قاطع كل ذلك صوت طرقات على باب غرفتها كانت أختها الصغيرة تناديها لتناول الغداء كالعادتها،اخفت جين الرسالة بدرج مكتبها أين كانت تحتفظ برسائل مروان التي طالما كان يرسلها لها بين الفينة والأخرى، وضعت الشريط في الجيب الذي كان يتوسط تنورتها الحمراء وخرجت مسرعة متوجهة نحو الكاراج أين يحتفظ والدها بدراجته الهوائية، لم تعر انتباها لصوت والدتها وهي تناديها فقد كانت قد ابتعدت مسافة طويلة في اتجاه الحي الذي كان يسكنه مروان وهي كلها عزم على معرفة سر التحول المفاجئ لحبيبها .
    كانت قد مرت أسابيع قليلة منذ أن أرسل مروان تلكم الرسالة الأخيرة لجين فهو لم يرها منذ ذلك الوقت حتى أنه غير جامعته التي يدرس فيها كي لا يلتقي بها ثانية وأصبح أكثر استقامة على الدين فهو لم يفوت تكبيرة الإحرام مع الجماعة منذ أكثر من أربعين يوماً فقد عاهد نفسه على ذلك لأنه سمع في أحد الدروس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يبين فضل ذلك وكان دائما ما يحاول أن يحفظ شيئا يسيرا من القرآن رغم صعوبة نطق اللغة العربية بالنسبة له ، كان يوم الخميس أحسن أيام الأسبوع بالنسبة له فقد كان اليوم المخصص لدرس الديني الذي طالما كان يتلهف لسماعه خاصة أنه وبعد الدرس كان يجلس مطولا مع عبد الرحمن ليجيب عن أسئلته التي طالما كان مروان يعدها له. لكن وعلى غير العادة، صعد الشيخ عبد الرحمن المنبر، ثم نحنح قليلا فعم الصمت المكان، ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات أريد ان ازف إليكم هذا الخبر المفرح، فإنه وبحمد الله وفضله ستعلن أحد الأخوات إسلامها بعد أن هداها الله للإسلام.. تهالت أصوات التكبير أنحاء المصلى وعمت الفرحة قلوب الحاضرين وكأنهم بشروا بالجنة. كان مروان يرجع بذكرياته وقت إعلان إسلامه، حيث تذكر تلك اللحظات المباركة والسعادة الغامرة التي عاشها وهو يعلن إسلامه قبل شهور قليلة، قاطع ذلك صوت الشيخ عبد الرحمن وهو يطلب من المصلين الهدوء حتى يتسنى له تلقين الأخت الشهادتين.
    عبد الرحمن :اشهد ان لا اله الا الله
    الأخت :أشهد أن لا إله إلا الله
    عبد الرحمن : وأشهد أن محمد رسول الله
    الأخت :وأشهد أن محمد رسول الله
    تعالت التكبيرات ثانية وتقدم الأخوات نحو الأخت يهنؤنها بإسلامها. الكل كان فرحا الكل كان مبتهجا، إلا مروان الذي سقط ساجداً باكياً وهو يقول الحمد لله الحمد لله، جين أسلمت جين أسلمت

    من مسابقة النادي 2018

    هذه المدونة تابعة لنادي القراء بجامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بو مدين حيث يعرض فيه الأعمال والروايات والخواطر والمقالات من إنشاء أعضاء من النادي .. نرجو أن تقضو معنا وقتا ممتعا

    الكاتب : أسامة

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق

    جميع الحقوق محفوظة ل نادي القراء
    تصميم : USSDZ