المجموعة الخامسة E : حبر من قلم
#أحلى_من_مرارة_الصحو
يومها.. كنتُ ساهرة أقرأ على ضوء شمعة كي لا أزعجهنّ، وكنَّ نائمات ثلاثتهنّ، حانت منّي التفاتة إليها فبدا لي وجهها منعكسا عليه الضوء الخافت؛ رأيت ما يشبه الدّمع ينحدر فوق ساعدها.. اقتربت بهدوء فرأيتها تذرف، كانت تبكي في نومها..! اتخذت لي مجلسا بعيدا عنها بخطوتين ورحت أتأمّل دمعها.. كان ينحدر في سلاسة وهدوء؛ من عينيها إلى باطن ساعدها إلى وسادتها.. مددت يدي لأوقظها ثم تراجعت، انتظرت أن يتوقف انسكاب مآقيها لكنهما ظلّتا تهميان، لوهلة فكّرت أنها تصطنع النوم، لكنّ تراخي جسدها وانتظام أنفاسها جعلاني أوقن أنها مستغرقة في نومها .. وتيقّظ السؤال بداخلي؛ ما الذي يبكيها يا ترى ؟ أيّ ألم هذا الذي لم يسكته الموت الأصغر نفسه.. أية خيبة تخفيها في صحوها لتطفو عند الغفوة هكذا تطوّح بالجلد والمكابرة والكبرياء وتفضحها علنا أمام الساهرين .. ماذا لو علمت الآن أن دمعها يفضح شيئا قابعا في الدواخل تخفيه عنّا ؟! سألتها صباحا: أرأيت حلما ليلة أمس ؟ ضحكت في دهشة: كيف عرفت ..! ن مزعجت مكاب..؟ جلست، ثمّ حدقت بي: رأيتِني أبكي وأنا نائمة ؟ سألتها: كيف عرفت .. هل أنت معتادة على هذا ! ضحكت مكابرةً: هذا هو المزعج. ظللتُ لوقت غير يسير ألحّ عليها أن تخبرني بما أبكاها، سردت عليها قائمة الاحتمالات التي قد تجعل إنسانا يبكي في نومه؛ رأيت والدتك توفّيت ! رأيت أنك في جهنّم وساءت مصيرا ! رأيت كوكب الأرض يتعرض لغزو خارجيّ ! رأيت قطتكم التي تكرهينها قد أنجبت قبيلة قطط ؟! ومع كل ثرثرة مني وإلحاح، أرى ضحكة تشهق لها كلّ ملامحها إلا عيناها.. يظلّ فيها غيمٌ أسود ينوء بمائه.. ربما ليسكبه ذات حلم مشابه.. لم تخبرني قطّ عن دمعها ذاك فيمَ كانت تسكبه، لم تقل لمَ قد يبكي المرء وهو نائم.. ولم تقل أيضا إن كان للبكاء أثناء النوم طعمٌ مختلف؛ مرٌّ أكثر، أم هو أحلى
... #حبر_من_قلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق